08‏/09‏/2011

الفرق بين الاعلان وترويج المبيعات


الإعلان أو الدعاية Advertising
فى البداية اذا نظرنا الى الاعلان نجدة اكثر اداة لتعريف المستهلك او العميل بالمنتج حيث انه يبنى صورة ذهنية او على الاقل العلامة التجارية للمنتج .فمقارنة بوسائل اخرى نجده الاكثر وصولا الى آلاف الناس حيث نجد ان حجم الانفاق على الاعلان مرتفع جدا مقارنة بوسائل اخرى وخاصة اذا لم يتم تقديم الاعلان فى شكل جذاب ويستهدف الشريحة المحددة للتعامل معها فلو نظرنا الى اعلانات التليفزيون نجدها توجه الى عامة الناس وبتكاليف عالية ووقت غير كاف لإظهار قيمة المنتج
حجم الانفاق المتوجه على الاعلانات من الصعب قياسه فى الشركة ولو نظرنا الى مقولة جون وانا ميكرJohn Wanamaker (ان نصف ميزانيى للإعلان قد هدرت ,على أى حال أن لا أعرف أى نصف )
ولكن هذا لايعنى ان لا تقوم الشركة بدراسة الحملات التسويقية التى تقوم بها لأن الاعلانات من الممكن أن تستنزف اموالا من الشركة دون فائدة عالية او ملموسة
ترويج المبيعات Sales promotion
أصبح ترويج المبيعات والذى يقدم مجموعة كبيرة من الحوافز يدور بطريقة خرجت عن السيطرة فلو نظرنا الى تلك الشركات التى تنتج منتجات يتم توزيعها فى متاجر التجزئة نجد انها تقدم لهذه المتاجر مجموعة كبيرة من الخصومات والهدايا وإكراميات كلها تستنزف ربحا كان أكيدا لتلك الشركة وفى المقابل نجد متاجر الجملة او التجزئة تستفيد من هذا الترويج حيث نجدهم يشترون فى الفترات التى يوجد فيها ترويج تجارى اكثر مما يستطيعون بيعه وذلك للإستفاده القصوى من تلك الخصومات ويشترون أقل فى الفترات التى لا يكون فيها ترويج للمنتج وبالتالى نستطيع أن نجزم ان هذا يتسبب فى تحولات كبيرة فى جداول الانتاج او فى مستويات المخزون لدى الشركات المصنعه
وعلى الجانب الآخر الى انواع المستهلكين نجد هناك عميل يفضل ويصر على اختيار علامة تجارية معينة ونجد عميل آخر يبحث عن علامة تجارية مقبولة بدلا من العلامة التى يفضلها ونجد مستهلك اخر يتفحص العلامات التجارية المخفضة والنوع الثانى والثالث هما عملاء لا يستهان بهم حيث انهم من اللمكن ان يحددوا مسار السوق
لذلك نجد ان الشركات تقلق من ان تفقد نصيبها فى السوق اذا لم يسايروا رواج المبيعات ولكن على العكس رأت شركة بورتر وجامبل شيئا اخر حيث اخذت على تخفيض منصرفات ترويج المبيعات وعوضت ذلك عن طريق أسعار مخفضة كل يوم حيث رأت ان ترويج المبيعات لا يضيع إنصاف العلامة التجارية فقط بل انه ايضا يسبب تحولات واسعة  ومكلفة فى الانتاج
وهذا لا يعنى ان نقول ان ترويج المبيعات أمر سيئ فدعنا نقارن بينه وبين الاعلان فى ايجاز
الإعلان لا يوصل المبيعات بسرعة حيث انه يعمل فى العقول وليس السلوك ولكن عندما يسمع العميل عن شيئ يباع بسعر اقل او شيئين يباعا بسعر شيئ واحد أو هدية او فرصة ليكسب شيئ نجد العميل يتحرك وهذا هو الترويج
                                                                                   عيد محمد
إن لم تفهم قصدى فلا تشغل بالك وإنسى الموضوع

21‏/03‏/2011

أمور تساعد على تنشيط الذاكرة

أمور تساعد على تنشيط الذاكرة

   هناك أمور ذكر الأطباء أنها تساعد في المحافظة على الذاكرة) ومايعانيه كثير من الناس من ضعفها وكثرة النسيان مع تقدم العمر :-
1-  ممارسة الرياضة -  :
    قد يتخيل كل من يقرأ هذا المصطلح وجود مشقه من حيث المجهود والوقت ولكن المقصود هو ممارسة أي نشاط بشكل منتظم يحرك الدم في الجسم ومن الأمثله على ذلك:-
أ)    المشي :- على أقل تقدير 3 أيام في الأسبوع ، وكل مره 30 دقيقه.
ب)  ممارسة تمارين إعتيادية ( سويديه ) بشكل منتظم ، والتي تعتمد على تحريك متناسق لليدين والرجلين والخصر،   بالإضافه إلى تمارين البطن المعروفه، وكل هذا لمدة 30 دقيقه وفي أي مكان في المنزل .
2- النوم: -
     قد يشكل نتيجه ايجابيه أو سلبيه كالتالي:-
أ)   إيجابي : النوم من 6 الى 8 ساعات متواصله ليلاً وفي وقت محدد قدر الإمكان ، وهذا إيجابي للجسم وبالتالي للمخ           وبالتالي للذاكره.
ب) سلبي : وهو النوم الزائد عن 9 ساعات لمتوسطي العمر، فهذا يتسبب في خمول الذاكره وتراجعها.
3- القراءة  : -
تنشيط الذاكره وتمرينها بالقراءه والمطالعه ومحاولة حل بعض الألغاز عامة، وبخاصة التي تعتمد على الأرقام شفوياً دون كتابه إلى جانب ما تعطيه القراءه لك من معرفه وثقافة .
4- الغذاء : -
الموضوع متشعب ولكن باختصار يجب التركيز والإهتمام بتناول الفاكهه - أي نوع ) مرتين في اليوم وضرورة احتواء وجبات الطعام على أي نوع من الخضار والورقيات والهدف هنا الحصول على كميه كافيه من فيتامين B12 لعلاقته المباشره بالذاكره.
    هناك أطعمة معينة يمكن أن تقوي قدرتنا على الانتباه والإبداع  ومن هذه الأطعمة  :
الجمبرى:  يمد الجمبري الجسم بأحماض أوميجا3 الدهنية المفيدة التي تطيل القدرة على الانتباه بشكل جيد.
البصل:  يفيدنا البصل عندما نكون تحت ضغط ذهني وعضوي شديد لفترة طويلة. كما أنه يخفف الدم فيحصل المخ على الأوكسجين بشكل أفضل.
المكسرات:  مثل عين الجمل، الفستق، الفول السوداني: تقوى الأعصاب وتزيد الانتباه عن طريق تنشيط الموصلات العصبية الضرورية للحصول على المعلومات.
الزنجبيل:  المواد التي يتكون منها الزنجبيل تساعد المخ على الوصول لأفكار جديدة، كما أنه يساعد على تخفيف الدم حتى يتدفق بسهولة أكبر إلى المخ مما يسمح بدخول كمية أكبر من الأكسجين إلى المخ.
الكمون:  الزيوت المتبخرة التي يحتوى عليها الكمون تحفز الجهاز العصبي من أجل التفكير المبدع. هذا ويتم تحضير فنجان الكمون باستخدام ملعقتين صغيرتين كمون.

وبعيد عن الأشياء التى تساعد على الإنتباه والإبداع سنتطرق الى شيئ آخر وهو
  شرب المريض الذي يتمتع بصحة جيدة مشروبات غازية بينما كان يخضع لتخطيط القلب وعندها لاحظ الأخصائي أن ضربات قلب المريض وضغط دمه هبطا فجأة إلى مستويات غير طبيعية وظهرت عوارض الدوار والإغماء عليه
هذا هو نص الخبر الذي نشرته مجلة ‘ نيوانجلاند جورنال أوف ميديسين’ فماذا حدث بعد وما تفسير ذلك ؟
أكدت الدراسات العلمية الطبية بعدها أن استهلاك المشروبات الغازية الباردة يمكن أن يؤدي إلى الإغماء .
أخطر من التدخين  :
    بعد أن نصح الطبيب المريض بالتوقف عن استهلاك المشروبات الغازية بدأت الصحف والمجلات تتحدث عن أضرار هذه المشروبات في إشارة إلى كونها أخطر من التدخين، فكلاهما غير نافع وتتراكم آثاره الضارة لتظهر بعد فترة من الزمن إلا أن المشروبات الغازية تتفوق في مضارها على التدخين من حيث تناول شريحة كبيرة من الناس لها بدءاً من الطفل ذي السنتين وحتى كبار السن..
هذا كله في الوقت الذي تكثر فيه الدعاية للمشروبات الغازية، ويدمن البعض على تناولها مع كل وجبة بل ويتحف بها ضيوفه وتقدم عليها الشركات المنتجة لها عروضاً خاصة ومسابقات وجوائز وعبوات إضافية هدية مجانية !!!
ترى .. هل هي فعلاً هدية ؟ فماذا تحوي هذه العبوات ؟ وماذا تقول عنها الأبحاث العلمية ؟
المشروبات الغازية تصنع من الماء الذي تمت معالجته بطريقة خاصة مع غاز ثاني أكسيد الكربون بالإضافة إلى مواد محلية وأخرى ملونة وثالثة منكهة وأحماض مثل حمض الفوسفوريك، وحمض الستريك
   ليس هذا فحسب بل نضيف أيضاً مادة الكافيين حيث تحتوي العبوة العادية (330 مل) على ما يعادل الموجود في فنجان القهوة من الكافيين وهذا ما يفسر ما ينتاب الأطفال من أرق وصداع وحموضة ناهيك عن تسوس الأسنان لتأثير الحامض على الطبقة التي تحمي الأسنان وتقليل نسبة كلس الدم ويؤدي إلى الإصابة بهشاشة العظام عند الكبر
ترى ماذا ينتظر صمتنا عن تناول هذه الأشربة ؟ هل سنظل نحبها بل وندمنها ؟
الموت في زجاجة
مرة أخرى.. إذا أردت أن تتأكد تفحص جيداً ما هو مكتوب على زجاجة الكولا ومكوناتها فسوف تجد منها
-
 حمض الفوسفوريك
-
 كميات قليلة من أثيلين جيلكول الذي يقلل درجة تجمد الماء إلى ما تحت الصفر بأربع أو خمس درجات، وهذه المادة تعتبر  إحدى السموم في الطب الشرعي ،إذا ما تناولت 4 لترات من الكولا فقد تفقد حياتك خلال ساعة واحدة
    ليس المطلوب هو الانزعاج ولكن الانتباه والبحث عن البدائل في العصائر الطازجة والحليب بالنكهات المختلفة وجوز الهند والماء العادي بدلاً من المشروبات الغازية، فهي ليس لها أي قيمة غذائية فيما يخص الفيتامينات والأملاح المعدنية فضلاً عن أنها تحتوي على كثير من السكر وحمض الكربونيك ومواد كيماوية أخرى كالألوان .
لا كـــــولا بـــعــــــد الأكـــــــــل !!!

رجاء خاصاً
 -
رفع هذا الشعار والالتزام بتطبيقه إذا كنت من المحبين لتناول المشروبات الغازية بعد تناول الوجبات وللرد على سؤالك بـ ‘ لماذا ‘ اقرأ معنا السطور التالية :-
فجسم الإنسان يحتاج إلى درجة حرارة 37 ْم لعمل إنزيمات الجهاز الهضمي، ودرجة حرارة هذه المشروبات تقل كثيراً عن هذه الدرجة مما يؤدي إلى توتر الجهاز الهضمي، وقد تصل درجة الحرارة إلى الصفر، وهذا في حد ذاته يؤدي إلى تخفيض الأنزيمات، ولن يتم هضم الطعام جيداً، ولكنه سوف يتخمر ويؤدي إلى وجود غازات وتعفنات، وتتحول إلى سموم وتمتص في الأمعاء، وتدور مع الدم، وتنتقل إلى الجسم وتتراكم السموم في أجزاء الجسم مما يؤدي إلى نشوء الأمراض المختلفة 

إن لم تفهم قصدى فلا تشغل بالك وإنسى الموضوع

14‏/03‏/2011

طور حياتك واعلم ان بقاء الحال من المحال...فشل فيل !!!

طور حياتك وأعلم أن بقاء الحال من المحال

   عندما كان عمره شهرين وقع الفيل الأبيض الصغير في فخ الصيادين في إفريقيا، وبيع في الأسواق لرجل ثري يملك حديقة حيوانات متكاملة. وبدأ المالك على الفور في إرسال الفيل إلى بيته الجديد في حديقة الحيوان، وأطلق عليه اسم 'نيلسون'، وعندما وصل المالك مع نيلسون إلى المكان الجديد، قام عمال هذا الرجل الثري بربط أحد أرجل نيلسون بسلسلة حديدية قوية، وفي نهاية هذه السلسلة وضعوا كرة كبيرة مصنوعة من الحديد والصلب، ووضعوا نيلسون في مكان بعيد عن الحديقة، شعر نيلسون بالغضب الشديد من جراء هذه المعاملة القاسية، وعزم على تحرير نفسه من هذا الأسر، ولكنه كلما حاول أن يتحرك ويشد السلسلة الحديدية كانت الأوجاع تزداد عليه، فما كان من بعد عدة محاولات إلا أن يتعب وينام، وفي اليوم التالي يستيقظ ويفعل نفس الشيء لمحاولة تخليص نفسه، ولكن بلا جدوى حتى يتعب ويتألم وينام.
   ومع كثرة محاولاته وكثرة آلامه وفشله، قرر نيلسون أن يتقبل الواقع، ولم يحاول تخليص نفسه مرة أخرى على الرغم أنه يزداد كل يوم قوة وكبر حجمًا، لكنه قرر ذلك وبهذا استطاع المالك الثري أن يروض الفيل نليسون تمامًا.
   وفي إحدى الليالي عندما كان نيلسون نائمًا ذهب المالك مع عماله وقاموا بتغيير الكرة الحديدية الكبيرة لكرة صغيرة مصنوعة من الخشب، مما كان من الممكن أن تكون فرصة لنيلسون لتخليص نفسه، ولكن الذي حدث هو العكس تمامًا.
فقد تبرمج الفيل على أن محاولاته ستبوء بالفشل وتسبب له الآلام والجراح، وكان مالك حديقة الحيوانات يعلم تمامًا أن الفيل نيلسون قوي للغاية، ولكنه كان قد تبرمج بعدم قدرته وعدم استخدامه قوته الذاتية.
وفي يوم زار فتى صغير مع والدته وسأل المالك:
هي يمكنك يا سيدي أن تشرح لي كيف أن هذا الفيل القوي لا يحاول تخليص نفسه من الكرة الخشبية؟
فرد الرجل: بالطبع أنت تعلم يا بني أن الفيل نيلسون قوي جدًا، ويستطيع تخليص نفسه في أي وقت، وأنا أيضًا أعرف هذا، ولكن والمهم هو أن الفيل لا يعلم ذلك ولا يعرف مدى قدرته الذاتية

ما المستفاد من هذا المثل؟
  معظم الناس تبرمج منذ الصغر على أن يتصرفوا بطريقة معينة ويعتقدوا اعتقادات معينة، ويشعروا بأحاسيس سلبية معينة، واستمروا في حياتهم بنفس التصرفات تمامًا مثل الفيل نيلسون وأصبحوا سجناء في برمجتهم السلبية، واعتقاداتهم السلبية التي تحد من حصولهم على ما يستحقون في الحياة.
فنجد نسب الطلاق تزداد في الارتفاع والشركات تغلق أبوابها والأصدقاء يتخاصمون وترتفع نسبة الأشخاص، الذين يعانون من الأمراض النفسية والقرحة والصراع المزيف والأزمات القلبية ...
كل هذا سببه عدم تغيير الذات، عدم الارتقاء بالذات.
حتمي ولا بد:
   إن التغيير أمر حتمي ولا بد منه، فالحياة كلها تتغير والظروف والأحوال تتغير حتى نحن نتغير من الداخل، فمع إشراقة شمس يوم جديد يزداد عمرك يومًا، وبالتالي تزداد خبراتك وثقافاتك ويزداد عقلك نضجًا وفهمًا، ولكن المهم أن توجه عملية التغيير كي تعمل من أجل مصلحتك أكثر من أن تنشط للعمل ضدك.
إن الفيل نيلسون كمثال، تغير هو نفسه فازداد حجمًا وازداد قوة، وتغيرت الظروف من حوله فتبدلت الكرة الحديدية الكبيرة إلى كرة خشبية صغيرة، ومع ذلك لم يستغل هو هذا التغيير ولم يوجهه، ولم يغير من نفسه التي قد أصابها اليأس ففاتته الفرصة التي أتته كي يعيش حياة أفضل.
إن الله تعالى ـ قد دلنا على الطريق إلى الارتقاء بأنفسنا وتغيير حياتنا إلى الأفضل فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11].
ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد دلنا على الكيفية التي نغير بها أنفسنا، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: 'ومن يستغن يغنه الله ومن يستعفف يعفه الله ومن يتصبر يصبره الله'.
وقال صلى الله عليه وسلم: 'إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم، ومن يتحرر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه'.
فكل واحد فينا من الممكن بل من السهل أن يتغير للأفضل، ولكلما ازداد فهمك لنفسك وعقلك أكثر كلما سهل عليك التغير أكثر وهذا ما تحرص عليه هذه الحلقات أن تمنحك أدوات التغيير لنفسك ولعقلك، ولكن من المهم أن تتذكر دائمًا أن التغيير يحدث بصفة مستمرة، وأنك إن لم تستطيع توجه دفة التغير للأفضل فستتغير للأسوأ قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} [المدثر:37].
فهو إما صعود أو هبوط؛ إما تقدم أو تأخر، إما علو أو نزول.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو كيف أغير من نفسي؟
كيف أتحسن للأفضل؟ إليك أيها الأخ شروط التغيير
شروط التغيير الثلاثة:
الشرط الأول: فهم الحاضر:
الفرصة الخاصة بالتغير لا يمكن أن تتواجد إلا في وقتك الحاضر، وهذا يعني أن الشرط الأول من أجل تحقيق تغيير مجدٍ هو أن ترى بوضوح أين توجد الآن وفي هذه اللحظة. لا تخفِ نفسك بعيدًا عن الحقيقة الراهنة، فإذا كانت هناك بعض المظاهر التي لا تعجبك، فبوسعك أن تبدأ بتخطيط كيفية تغييرها، لكنك لو تظاهرت بعدم وجودها فلن تقوم بتغييرها أبدًا، ولذا فكن صريحًا مع نفسك منصفًا في رؤيتك لها على وضعها الحالي.
الشرط الثاني: لا تؤرق نفسك بالماضي:
إن الامتعاض بالأخطاء والهموم التي جرت بالأمس أمر مفهوم، لكنه من الخطأ أن تسمح للماضي أن يكون سجنًا لك، وبذلك فإن الشرط الثاني للتغيير المثمر هو المضي بخفة بعيدًا عن الماضي. إن الماضي بنك للمعلومات يمكنك أن تعلم منه، لكنه ليس بالشرك الذي يسقطك في داخله.
فخذ ما تشاء من الماضي من فوائد وخبرات ومعلومات، لكن إياك أن تعيش في الماضي. أنت الآن شخص جديد أقوى بكثير من الماضي، وأفضل بكثير من الماضي، واستفدت من أخطاء الماضي فكيف تعيش فيه؟
الشرط الثالث: تقبل الشك في المستقبل:
قال تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} [النمل:65].
وقال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً} [الجـن:26].
إن المستقبل بالنسبة لنا أمر غيبي لا ندري ما الذي سيحدث فيه، ولكن هذا لا يعني ألا نضع الأهداف، وألا نخطط لمستقبلنا، هذا لا يعني ألا نتوقع ولا نتقبل الشك فيما قد يحدث لنا وللعالم حولنا لنكون على أهبة الاستعداد له، فعلينا الأخذ بالأسباب المتاحة لنا، وقد ادخر رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ نفقة أهله لسنة كاملة. ولذا فكي نحقق تغييرًا مثمرًا فإننا بحاجة إلى ترك مساحة للمجهول المشكوك فيه.
حياة وأمل:
'كان همام في قمة السعادة حينما أيقظته والدته لكي يستعد لسفر لأداء العمرة. وكان همام الذي يعيش في جمهورية مصر العربية والذي قد بلغ من العمر أربعة عشر عامًا سيركب الباخرة مع أهله للنزول في ميناء جدة. مضى الوقت سريعًا وبدأت السفينة في الإبحار، وفي ذلك الوقت كانت العائلة في المطعم تتناول الغداء، واستغل همام انشغال الجميع وذهب إلى سطح السفينة ليشاهد ويتمتع بمنظر البحر.
وذهب همام إلى نهاية السفينة وبدأ ينظر إلى أسفل، وانحنى أكثر من اللازم وكانت المفاجأة وقع همام في البحر، وأخذ يصرخ ويطلب النجدة ولكن بدون جدوى، وأخيرًا كان هناك أحد المسافرين وهو رجل في الخمسينات من عمره فسمع صراخ همام، وبسرعة ضرب جهاز الإنذار ورمى نفسه في المياه لإنقاذ همام. تجمع المسافرون وهرول المتخصصون وبسرعة ساعدوا الرجل وهمام وتمت عملية الإنقاذ،ونجا همام من موت محقق.
وعندما خرج من المياه ذهب همام إلى والديه واعتذر عما صدر منه، وأخذ يبحث عن الرجل الذي أنقذه حتى وجده واقفًا في ركن من الأركان، وكان ما زال مبللاً بالمياه جرى إليه وحضنه وقال:
'لا أعرف كيف أشكرك لقد أنقذت حياتي من الغرق'.
فرد الرجل عليه قائلاً: 'يا بني أتمنى أن حياتك تساوي إنقاذها'.
هل فهمت هذا المثل جيدًا؟
والآن دعني أسألك:
هل حياتك تساوي إنقاذها؟
هل تريد أن تترك بصمات نجاحك في الدنيا؟
هل قررت أن تتغير للأفضل وأن ترتقي في حياتك؟
هل نويت أن تتقرب إلى الله وتحرص على محبته ورضاه؟
هل اشتريت الجنة التي خلقت لتسكن فيها؟

ابدأ من اليوم في تغيير نفسك وتذكر قول الشاعر:
ما الحياة إلا أمل يصاحبها ألم ويفاجئها أجل.
ونعلم أنك قد تفكر في ميلك إلى إجراء العديد من التغييرات لكنك لا تعرف من أين تبدأ؟ لا تحاول أن تجرب عمل الكثير مرة واحدة. حدد أي التغييرات التي عليك القيام بها أولاً ؟ فلأن تضيء شمعة واحدة خير من أن تلعن الظلام ألف مرة.

إن لم تفهم قصدى فلا تشغل بالك وإنسى الموضوع

13‏/03‏/2011

طور تفكيرك...من الذى حرك قطعة الجبن الخاص بى


من الذى حرك قطعة الجبن الخاص بى
   ذات يوم مشمس ، اجتمع في شيكاغو مجموعة من زملاء الدراسة القدامى لتناول الغداء معاً ، وكانوا قد حضروا في الليلة السابقة حفل التخرج بمدرستهم الثانوية ، وأرادوا معرفة المزيد عما حدث لكل منهم ، وبعد قضاء بعض الوقت في المزاح وتناول الطعام اللذيذ الشهي ، خاضوا في حوار شائق .
فقالت أنجيلا ، وقد كانت واحدة من أشهر تلاميذ الفصل ــ : " غن الحياة بالتأكيد قد مضت على نحو مختلف عما كنت آراه عندما كنا بالمدرسة ، فقد تغير الكثير " .
وردد ناثان : " لا شك في ذلك " وكما يعلمون ، فقد عرفوا أنه كان يقوم بإدارة شركة أسرته ــ التي سارت على نفس نهجها ، و أصبحت جزءاً من المجتمع المحلى لمدة طويلة ــ لذلك ، فقد كانوا مندهشين عندما بدا عليه الهم والحزن ، وطرح تساؤلاً : " ولكن ألا ترون كيف أننا لا نبغى التغيير عندما تتغير الأشياء ؟ " .
قال كارلوس : " أعتقد أننا نقاوم التغيير ؛ لأننا نخشاه ؟ .
قال جيسيكا : " لقد كنت قائد فريق كرة القدم يا كارلوس ، ولا أعتقد قط أني سمعتك تذكر أي شيء عن كونك تخاف ! " .
فضج المكان بالضحكات عندما أدركوا أنه على الرغم من اختلاف توجهاتهم ــ من العمل بالمنزل إلى إدارة الشركات ــ ما زالوا يشعرون بنفس الشعور القديم .
لقد كان كل شخص يحاول مجاراة التغييرات غير المتوقعة التي كانت تحدث لهم في السنوات الأخيرة، واعترف الجميع بأنهم لا يعرفون طريقة جيدة للتعامل مع هذه التغييرات .
عندئذ قال مايكل : " لقد اعتدت الخوف من التغيير ، وعندما حدث تغيير هائل في أعمالنا ، لم نعرف كيف نتصرف حياله ؛ ولذا فلم نؤد أي شيء بطريقة مختلفة ، وكنا على وشك الضياع ."
واستدرك قائلاًً : " كان ذلك هو الحال حتى سمعت قصة طريفة غيرت مجرى كل شيء " .
سأل ناثان : " كيف ذلك ؟ " .
" حسناً ، لقد بدلت تلك القصة الطريقة التي أنظر بها إلى التغيير ، وبعد ذلك ، تحسنت الظروف سريعاً ، في عملي وحياتي الشخصية على حد سواء ."
" ثم نقلت هذه القصة إلى بعض الأشخاص الذين يعملون بشركتنا وتناقلوها فيما بينهم ، وسرعان ما تحسن الوضع بالشركة ؛ نظراً لأننا جميعاً انتهجنا سياسة التغيير وغيرنا نظرتنا إليها ، وكما هو الحال معي ، فقد قال العديد من الأشخاص إن هذه القصة ساعدتهم في حياتهم الشخصية " .
وتساءلت انجيلا : " وما هي تلك القصة إذاً ؟ "
قال مايكل : إنها تحمل عنواناً يقول " من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي ؟ "
وضحك الجميع ، وقال كارلوس : " أعتقد أنني أحب الجبن بالفعل ، هل لك أن تحكي لنا قصتها ؟ "
قال مايكل : " بالتأكيد ، وبكل سرور ؛ فلن يستغرق سردها وقتاً طويلاً "
وهكذا بدأ في سرد القصة :
______________
      ذات مرة ، ومنذ وقت بعيد في أرض بعيدة ، كان هناك أربع شخصيات صغيرة تجري داخل متاهة بحثاً عن قطعة جبن تطعمها ؛ لتحيا حياة سعيدة .
وكان منها فأران اسمهما " سنيف " و " سكورى " ، واثنان قزمان يماثلان في حجمهما حجم الفأرين ، ولكن تصرفاتهما كانت تشابه كثيراً تصرفات البشر اليوم ، واسماهما " هيم " و " هاو " .
وبفضل حجميهما الصغير كان من السهل عدم ملاحظة ما كان يقوم به هؤلاء الأربعة ، ولكن إذا نظرت إليهما عن كثب ، يمكنك أن تكتشف أكثر الأشياء إثارة للدهشة .
وكان الأشخاص الأربعة يقضون كل يوم وقتاً داخل المتاهة باحثين عن الجبن .
وكان الفأران سنيف و سكورى ــ وهما لا يملكان سوى أسنان قارضة وغريزة قوية ــ يبحثان عن قطعة الجبن اللذيذة التي أحباها كما هو حال جميع الفئران .
أما القزمان ــ هيم وهاو فقد استخدما عقليهما مع الاستعانة بالعديد من المعتقدات من أجل البحث عن نوع مختلف تماماً من الجبن مميز عن غيره ، وكانا يعتقدان أنه سيجعلهما يشعران بالسعادة والنجاح.
وعلى الرغم من أن هناك اختلافاً بين الفأرين والقزمين ، إلا أنهم جميعاً يشتركون في شيء ما : أن كلاً منهم يقوم كل صباح مرتدياً بدلة العدو وحذاء الجري ، تاركين منازلهم الصغيرة ؛ حيث يبدؤون السباق داخل المتاهة باحثين عن الجبن المفضل لديهم .
كانت المتاهة عبارة ممرات وحجرات يحتوي بعضها على جبن لذيذ ، ولكن كان بها أركان مظلمة وممرات مسودة لا تؤدي إلى شيء ، وكان من السهل أن يضل أي شخص فيها .
وبرغم ذلك ، فمن يجد طريقه داخل هذه المتاهة ، يجد ما يجعله يستمتع بحياة أفضل .
استخدم الفأران ــ سنيف و سكورى ــ طريقة المحاولة و الخطأ البسيطة وغير المجدية للبحث عن قطعة الجبن ، فقد كانا يدخلان أحد الممرات ، و إذا وجداه فارغاً تركاه وانتقلا إلى غيره .
وكان سنيف يشم الجبن باستخدام أنفه الكبير ، وبناءً عليه يحدد الاتجاه الخطأ ، وكثيراً ما ارتطما بالجدران .
وعلى الرغم من ذلك ، فقد استخدم القزمان ــ هيم وهاو ــ طريقة مختلفة تعتمد على قدرتهما على التفكير والتعلم من خبراتهما الماضية ، ولكن كانا في بعض الأحيان يرتبكان بسبب معتقداتهما وعواطفهما .
أخيراً ، اكتشف الجميع ما كانوا يبحثون عنه ، ووجد كل منهم ذات يوم نوع الجبن المفضل لديه في أحد الممرات في " محطة الجبن ج " .
وبعد ذلك تعودت الشخصيات الأربع كل صباح على ارتداء ملابسها والتوجه إلى محطة الجبن " ج" ولم ينقضِِِِِِِِِِِِِ ِ وقت طويل حتى تعود كل منها على هذا الروتين في الوصول إلى قطعة الجبن .
استمر كل من سنيف و سكورى في الاستيقاظ مبكراً كل يوم و الدخول في سباق خلال المتاهة ، وعادة ما كانا يتبعان نفس الطريق .
وحال وصولهما إلى وجهتهما يتخلص الفأران من حذاء العدو ، ويقومان بربط حذائيهما حول رقبتيهما ، حيث يسهل عليهما الوصول إليهما سريعاً عندما يحتاجانهما مرة أخرى ، ثم يستمتعان بالجبن .
وفي البداية ، كان كل من هيم و هاو يقومان بالتسابق تجاه محطة الجبن " ج " كل صباح ليستمتعا بالطعم اللذيذ لقطعة الجبن التي طال انتظارها .
ولكن بعد فترة ، اتبع القزمان روتيناً مختلفاً .
كان هيم و هاو يستيقظان كل يوم في وقت متأخر ، ويرتديان ملابسهما في بطء ، ويمشيان إلى محطة الجبن " ج " ؛ فقد عرفا مكان الجبن الآن ، وكيف يذهبان إليه .
لم يكن لديهما فكرة عن مصدر الجبن أو من الذي يضعه في مكانه و إنما افتضا وجوده هناك .
و بمجرد وصول هيم و هاو إلى محطة الجبن " ج " كل صباح ، يستقران ويشعران بأنهما في منزلهما ، ويقومان بتعليق ملابسهما وخلع حذائيهما ، وارتداء خفيهما ، وكانا يشعران بالارتياح والاطمئنان في ذلك الوقت ؛ لأنهما وجدا الجبن .
قال هيم " ما أعظم هذا ؛ فها هنا جبن يكفينا مدى الحياة " وشعر القزمان بسعادة غامرة وبنجاح باهر ، واعتقدا أنهما الآن يعيشان في أمان .
لم يمض ِ وقت طويل حتى اعتبر هيم و هاو الجبن الذي وجداه في محطة الجبن " ج " خاصاً بهما . لقد كان بمثابة مخزن الجبن الذي انتقلا في النهاية إلى الإقامة بالقرب منه ، ورسخا نوعاً من الحياة الاجتماعية حوله .
وليشعرا بأنهما في منزلهما ، قاما بتزيين الجدران ببعض الأقاويل ، حتى إنهما قاما برسم صور للجبن لرسم الابتسامة على وجهيهما ، ومن هذه الأقاويل :

امتلاك الجبن يشعرك بالسعادة

في بعض الأحيان ، كان هيم وهاو يقومان باصطحاب أصدقائهما ليروا أكوم الجبن المخزنة لديهما في محطة الجبن " ج " ، ويشيران إليهما بفخر قائلين : " ياله من جبن رائع ، أليس رائعاً ؟ " وكانا يتقاسمان الجبن في بعض الأحيان مع أصدقائهما ، وفي أحيان أخرى لا يقومان بذلك .
وكان هيم يردد " غننا نستحق هذا الجبن ، فقد تعين علينا العمل بالتأكيد لوقت طويل وبجد حتى نحصل عليه " ثم يلتقط قطعة طازجة ويلتهمها .
وبعد ذلك ، يستسلم هيم للنعاس كعادته .
فقد كانا يعودان كل يوم إلى منزلهما ممتليء المعدة بالجبن ، ويعودان كل صباح بثقة تامة في الحصول على المزيد .
واستمر ذلك لفترة من الزمن .
وبعد مرور بعض الوقت ، تحولت ثقة هيم و هاو إلى تكبر وغطرسة ، وسرعان ما أصبحا واثقين جداً لدرجة أنهما لم يلاحظا ما كان يحدث .
وبمرور الوقت ، استمر سنيف و سكورى في طريقتهما ، فقد كانا يصلان مبكرين كل يوم ويشمان محطة الجبن " ج " ويهولان حولها ويتحسسان المنطقة ؛ ليريا ما غذا كان قد حدث ثمة تغير عن الأمس ، ثم يجلسان و يقضمان الجبن .
وذات صباح ، وصلا إلى محطة الجبن " ج " ليكتشفا عدم وجود الجبن .
لم يندهشا لذلك ؛ حيث إنهما لاحظا ان مورد الجبن كان يتناقص كل يوم ، وكانا مستعدين لذلك المصير الحتمي ، وكانا يعرفان غريزياص ما سيقومان به .
نظرا لبعضهما البعض ، وخلعا نعليهما اللذين كانا قد أحكما ربطهما في عنقيهما و أعادا ارتداءهما وأحكما الرباط .
ولم يغاليا في تحليل ما حدث ن ولم يكونا مكبدين بالمعتقدات المعقدة .
فبالنسبة للفأرين كان كل من المشكلة و الحل بسيطاً ، حيث تغير الموقف في محطة الجبن " ج " ؛ لذا فقد قرر سنيف و سكورى أن يتغيرا .
نظر كلاهما إلى المتاهة ، ورفع ينيف أنفه واشتم ، ثم أشار برأسه إلى سكورى الذي انطلق مهرولاً خلال المتاهة ، بينما تبعه سنيف بأقصى سرعة يتحملها .
وانطلقا سريعاً بحثاً عن جبن جديد .
وفي وقت متأخر من نفس اليوم ، وصل هيم و هاو إلى محطة الجبن " ج " لم يكونا يعيران للتغيرات الطفيفة التي كانت تحدث كل يوم اهتماماً ؛ لذا فقد اعتبرا وجود الجبن هناك أمراً مسلماً به .
ولم يكونا مهيئين لما وجدا .
صاح هيم : " ماذا ! ألا يوجد جبن ؟ " . واستمر في صياحه : " ألا يوجد جبن ؟ ألا يوجد جبن ؟ " وكأنه عندما يصيح بصوت عالٍ سيأتي شخص ما ويعيد لهما الجبن .
و أخذ يصرخ قائلاً : " من الذي حرَك قطعة الجبن الخاصة بي ؟ "
و أخيراً ، وضع يديه على فخذيه واحمرَ وجهه وصاح بأعلى صوته : " ليس هذا من العدل ! " .
وكل ما فعله هاو هو أنه حرك رأسه في حالة من عدم التصديق ؛ فلقد اعتمد هو الآخر على وجود الجبن في محطة الجبن " ج " . وتوقف في مكانه لوقت طويل في حالة من الذهول من هول الصدمة؛ فلم يكن مستعداً لهذا .
كان هيم يصرخ ببعض الكلمات ، ولم يكن هاو بحاجة إلى سماع ما يقوله هيم ؛ فلم يكن يرغب في التعامل مع ما واجهه ؛ ولذا فقد أطاح بكل شيء .
لم يكن تصرف القزمين لائقاً أو منتجاً ، ولكنه كان مفهوماً .
فالعثور على الجبن لم يكن بالأمر اليسير ، وكان يتطلب عملاً من جانب القزمين أعظم من مجرد الحصول على كم كاف من الجبن كل يوم .
فالعثور على الجبن كان بالنسبة للقزمين هو السبيل الذي اعتقد أنه هو كل ما يحتاجانه للوصول إلى السعادة ، حيث كان ما يرونه عن مدى أهمية الجبن لهما يقف عند طعمه اللذيذ .
فلأحدهما ، كان العثور على الجبن مجرد شيء مادي ، أما الآخر فقد كان يعني له الاستمتاع بصحة جيدة أو الوصول إلى الإحساس بوجوده.
بالنسبة لهاو ، كان الجبن يعني مجرد الإحساس بالأمان والشعور بأنه ذات يوم سينعم ببناء أسرة سعيدة مع العيش في كوخ يملؤه الدفء .
اما هيم فالجبن عنده أصبح يعني الإحساس بالمسؤولية تجاه الىخرين ، مع امتلاك منزل كبير على أحد المرتفعات .
ونظراً لان للجبن اهمية خاصة عندهما ، فقد أمضى كلاهما وقتاً طويلاً في محارولة اتخاذ قرار بشأن ما يتعين عليهما فعله تجاه ما حدث .
كل ما كانا يفكران في فعله هو التحديق في محطة الجبن " ج " الخالية من الجبن ليتيقنا من حقيقة اختفاء الجبن .
وبينما تحرك سنيف و سكورى سريعاً ،استمر هيم و هاو في الثرثرة و التلعثم .
وصاحا و هذيا بالحديث عن الظلم نتيجة لما حدث ، وبدأ الشعور بالكآبة يسيطر على هو . ما الخطب ، وما عساه يحدث إذا لم يكن هناك جبن بالغد ؟ فقد خطط لمستقبله على أساس وجود الجبن .
لم يصدق القزمان ما حدث . كيف أمكن لهذا أن يحدث ؟ لم يحذرنا أحد ، لم يكن ذلك صحيحاً ، لم تكن هذه هي الطريقة التي يفترض أن تسير بها مجريات الأمور .
وعاد هيم و هاو إلى منزلهما في هذه الليلة جائعين ، مثبطى الهمة ، ولكن قبل المغادرة كتب هاو على الجدار :

كلما كانت قطعة الجبن هامة بالنسبة لك ؛ فأنت في حاجة إلى الاحتفاظ بها رغم ما تواجهه من صعاب .

في اليوم التالي غادر هيم و هاو منزليهما عائدين إلى محطة الجبن " ج " مرة أخرى ، حيث كانا لا يزالان يتوقعان أن يعثرا على قطعتهما من الجبن .
لم يتغير الموقف ، ولم يعد هناك وجود للجبن ، ولم يعرف القزمان كيف يتصرفان حيال ما حدث ووقفا متجمدي الحركة مثل تمثالين صامتين .
أغمض هاو عينيه بقدر المستطاع ووضع يديه على أذنيه . وتمنى لو توقف الزمن ؛ فلم يكن يرغب في معرفة أن مورد الجبن يتضاءل تدريجياً . لقد كان مؤمناً بأنها تحكت فجأة .
قام هيم يتحليل الموقف مرات و مرات ، و أخيراً سيطر عقله المعقد المكتظ بالأفكار الضخمة على ما حدث ، وتساءل : " لماذا قاموا بذلك تجاهي ؟ ، ما الذي يحدث حقاً هنا ؟ " .
وفي النهاية فتح هاو عينيه ، ونظر حوله قائلاً : " بمناسبة ما حدث أين سنيف و سكورى ؟ هل تعتقد أنهما يعرفان شيئاً غير ما نعرف ؟ " .
قال هيم : " ما هو الشيء الذي قد يعرفانه ؟ " .
واستطرد هيم قائلاً : " ما هما إلا مجرد فأرين صغيرين ، ولا يقومان بشيء سوى الاستجابة لما يحدث حولهما ، أما نحن فبشر ونتميز عنهما . يجب أن تكون لدينا القدرة على تفسير ما حدث ، وعلاوة على ذلك ، نستحق نصيباً أفضل .
ما كان ينبغي أن يحدث ذلك لنا ، وحتى إذا حدث ، فيجب على اللأقل أن ننعم بشيء من الربح و المكسب " .
و طرح هذا التساؤل : " لمَ لم يتعين أن نجني ربحاً ؟ " .
أجاب هيم : " لأننا ملتزمان " .
و أراد هاو أن يعرف " ملتزمان تجاه أي شيء ؟ "
" إننا ملتزمان تجاه تجاه جنبنا "
تساءل هاو : " لمَ ؟ " .
قال هيم : " لأننا لم نتسبب في هذهخ المشكلة ، بل تسبب فيها شخص آخر ، و يتعين القيام بأي شيء للخروج من هذا الموقف "
و اقترح هاو : " ربما يتعين علينا أن نكف عن تحليل الموقف بصورة مبالغ فيها ، دعنا ندخل المتاهة ولنبحث عن جبن جديد "
قال هيم : " يا إلهي بل سوف أتطرق إلى أعماق هذا الأمر "
وبينما كان يحاول كل من هيم و هاو اتخاذ قرار بشأن تصرفهما حيال ما حدث ، كان سنيف و سكورى قد تغلبا بالفعل على ما حدث و مضيا في طريقهما ، ودخلا المتاهة مارين بجميع ممراتها من أعلى غلى أسفل باحثين عن الجبن في كل محطة جبن يمكن أن يجداها .
و لم يفكرا في أي شيء سوى الحصول على قطعة جبن جديدة .
لم يجدا أي شيء لبعض الوقت حتى ذهبا أخيراً إلى أحد الأماكن بالمتاهة حيث لم يذهبا إليه أبداً : هذا هو محطة الجبن " ن " .
وصرخا مبتهجين ، لقد وجدا ما كانا يبحثان عنه ، مورد كبير للجبن الجديد .
لم يصدقا ناظريهما ، لقد كان أكبر مخزن للجبن يمكن لهما كفأرين رؤيته .
و في ذات الوقت ، كان هيم و هاو لا يزالان في محطة الجبن " ج " يقيمان الموقف و كانا يعانيان من آثار غياب الجبن ، وأصيبا بالإحباط و الغضب ، و بدأ في تبادل عبارات اللوم على ماحدث .
و من لحظة لأخرى كان هاو يفكر في صديقيه الفأرين سنيف و سكورى وستساءل عما إذا كانا قد توصلا إلى أي جبن ، و اعتقد بأنهما يمران بوقت عصيب ، و انهما يعانيان من بعض التشكك و عدم اليقين في تخبطهما داخل المتاهة . ولكنه عرف كذلك أنه كان من الرجح أن يستمر هذا الحال معهما للحظات قليلة .
و كان هاو يتخيل في بعض الأحيان أن سنيف و سكورى قد وجدا جبناً جديداً و أنهما يستمتعان به ، وفكر في مدى روعة دخوله في نوع من المغامرة داخل المتاهة بغية العثور على جبن جديد طازج طازج ، بل كاد يصل في تخيله إلى حد شعورره بطعم هذا الجبن الطازج .
و كلما كان هاو يرى هذه الصورة في مخيلته ( أي أنه وجد جبناً جديداً و أنه يستمتع به ) أكثر وضوحاً ، كان يزيد تخيله لنفسه وهو يغادر محطة الجبن " ج "
و فجأة صاح قائلاً: " فلنذهب بعيداً عن هنا " .
أجاب هيم سريعاً : "كلاَّ، إنني أحب هذا المكان وأشعر فيه بالراحة، وهذا هو ما أعرفه بالإضافة إلى أن المحيط الخارجي محفوظ بالمخاطر " .
رد هاو قائلاً "كلاَّ الأمر ليس كذلك، لقد جرينا من قبل في أماكن عدة داخل المتاهة ويمكننا القيام بذلك مرة أخرى "
قال هيم: لقد أصبحت عجوزاً جداً للدرجة التي لا أقوى فيها على فعل ذلك، وأخشى ألا أكون راغباً في أن أظل الطريق، وتظهر سذاجتى، أترغب أنت في ذلك ؟"
عند هذه المرحلة، عاد شعور الخوف من الفشل ليسيطر على هاو، وتلاشى أمله في العثور على
جبن جديد .
لذا استمر القزمان في عمل نفس الشيء كل يوم؛ يذهبان إلى محطة الجبن "ج"، دون العثور على شيء، ثم يعودان إلى منزليهما محملين بالمخاوف والقلق والإحباط .
حاولا إنكار ما يحدث لهما ولمنهما عانيا من صعوبة في الحصول على قسط وافر من النوم . وضاعت قوتهما في اليوم التالي ، و أصبحا سريعي الغضب .
لم يعد منزلهما المكان الدافيء كما كان ذات مرة ، وعانيا من صعوبة في النوم ورؤية الكوابيس ليلاً والتي تتعلق بعدم عثورهما على أي جبن .
إلا أن هيم وهاو ظلا يعاودان نفس الشيء بالذهاب إلى محطة الجبن " ج " والانتظار هناك كل يوم .
قال هيم : " إنك تعرف أنه إذا ما عملنا بجد أكثر مما نحن عليه ، ستجد أنه لا شيء قد تغير بالفعل فربما تكون قطعة الجبن قريبة من هنا ، وربما يكونون قد أخفوها وحسب خلف الجدار " .
وفي اليوم التالي ، عاد هيم و هاو حاملين أدواتهما . أمسك هيم بالإزميل ( المنحت ) بينما استمر هاو في الطرق باستخدام المطرقة ، حتى أحدثا ثقباً في جدار محطة الجبن " ج " واسترقا البصر ولكن دون جدوى ، فليس هناك جبن .
و أصيبا بخيبة أمل ، ولكنهما أصبحا مؤمنين بقدرتهما على حل المشكلة ؛ لذا أصبحا يبدآن عملهما في وقت مبكرو يستمران لوقت أطول و يعملان بجد أكثر . و لكن بعد مرور بعض الوقت ، كل ما توصلا إليه هو إحداث ثقب كبير في الجدار .
أخذ هاو في إدراك الفارق بين النشاط و الإنتاجية .
قال هيم : " ربما يتعين علينا مجرد الجلوس هنا و انتظار ما قد يحدث . إن عاجلاً أم آجلاً يتعين عليهم ان يعيدوا الجبن " .
أراد هاو أن يؤمن بذلك ، لذا كان يعود غلى المنزل كل يوم ليحصل على قسط من الراحة ثم يعود على مضض مع هيم إلى محطة الجبن " ج " ولكن الجبن لم يظهر أبداً .
و بمرور الوقت أصبح القزمان ضعيفين نتيجة الشعور بالجوع والضغط ، وسيطر التعب و الإرهاق على هاو من مجرد الانتظار حتى يتحسن وضعهما ، و بدا في رؤية حقيقة أنه كلما استمرا طويلاً دون الجبن ، لأصبح وضعهما أكثر سوءاً .
و كان هاو يعرف أنهما قد فقدا كل أمل .
و أخيراً ، بدأ هاو ذات يوم في السخرية من نفسه قائلاً : " هاو انظر إليَ ، فإنني أقوم بنفس الشيء كل يوم مرات و مرات و أتعجب من سبب بقاء الحال على ما هو عليه دون تحسن ، إن لم يكن الأمر يدعو للسخرية فقد يكون مدعاة للمرح " .
لم يكن هاو يرحب بفكرة الجري خلال المتاهة مرة أخرى ؛ لأنه يعرف أنهما سيضلان الطريق وليس لديهما أية فكرة عن مكان وجود الجبن . ولكن كان يتعين عليه الضحك على غبائه عندما أدرك سبب خوفه من القيام بذلك .
و سأله هيم : " أين وضعنا رداء العدو و أحذية الجري " . و أمضيا وقتاً طويلاً حتى وجدا هذه الأشياء ، لأنهما أهملا كل كل شيء طرحاه جانباً عندما عثرا على الجبن في محطة الجبن " ج " ، معتقدين أنهما لن يكونا بحاجة إلى الحذاء والرداء مرة أخرى .
و عندما رأى هيم صديقه يرتدي رداء العدو ، قال : " إنك لن تعاود التخبط داخل المتاهة حقاً ، ألبس كذلك ؟ لم لا تنتظر هنا حتى يعاودا وضع الجبن ؟ "
قال هاو : " لأنك لا تستوعب الموقف ، أنا لم أكن أرغب في رؤيتها أيضاً ، لكنني الآن أدرك أنهم لن يضعوا الجبن القديم مرة ثانية ، لقد كان هذا جبن البارحة ، لقد حان الوقت للبحث عن جبن جديد " .
لكن هيم تساءل : " لكن ماذا لو لم يكن هناك جبن بالخارج ؟ أو حتى إذا كان هناك ، ماذا لو لم نجده؟"
قال هاو : " لست أدري " ، وتساءل هاو محاولاً الإجابة على تلك الأسئلة مراراً و تكراراً ، ثم بدأ يشعر بالخوف الذي أقعده عن الحركة من قبل يتسلل إلى نفسه من جديد .
ثم فكر هاو في العثور على جبن جديد و ما يصاحبه من أحداث طيبة ، فاستجمع رباطة جأشه .
قال هاو : " في بعض الحيان تتغير الأشياء و لا تعود لطبيعتها أبداً و يبدو أننا نمر بشيء مشابه . هذه هي الحياة يا هيم ! فالحياة تسير ، ولابد أن نسير نحن أيضاً " .
ونظر هاو إلى رفيقه الحزين و حاول غقناعه ، لكن خوف هيم تحول إلى غضب عارم منعه من الإنصات لهاو .
ولم يقصد أن يكون وقحاً مع صديقه ، لكنه لم يمنع نفسه من السخرية على حماقتهما .
و بينما استعد هاو للرحيل ، بدأ يشعر بالنشاط فقد علم أنه طالما سخر من نفسه ، فسوف يعاود المسير دون أن ينظر وراء ظهره .
وصاح هاو معلناً : " لقد حان وقت المتاهة ! "
لكن هيم لم يضحك ولم يستجب لهاو .
و التقط هاو قطعة حجر صغيرة حادة ونحت بها على الجدار فكرة عظيمة لهيم كي يتأملها ، وكما اعتاد هاو ، فقد رسم صورة لقطعة جبن حول العبارة ، وتمنى أن يساعد هيم على أن يبتسم ، و ان يخفف من همومه ، و ان يبدأ البحث عن الجبن الجديد ، لكن هيم لم يفعل شيئاً من ذلك .
و كتب هاو في عبارته قائلاً :  
إذا لم تتغير ؛ فمن الممكن أن تفنى .
    وبعد ذلك اشرأب هاو بعنقه وحدق بنظره في المتاهة ، وفكر في كيفية أنه أدخل نفسه في هذه المحطة الخالية من الجبن .
لقد ظن أنه لايوجد أي جبن في المتاهة أو ربما لن يجده ، وهذه الظنون المخيفة كانت تشل حركته .
و ابتسم هاو ؛ فهو يعرف أن ( هيم ) كان يتساءل في نفسه : " من الذي حرك قطعتي من الجبن ؟ " وتساءل ( هاو ) : " ولماذا لا أنهض و أتحرك مع قطعة الجن حالاً ؟ .
و عندما بدأ في السير داخل المتاهة نظر ( هاو ) للخلف حيث المكان الذي جاء منه فشعر بالرغبة في العودة إليه ، وشعر وكأن شيئاً يدفعه إلى مكانه المألوف ، على الرغم من أنه لم يجد أي جبن لبعض الوقت .
أصبح ( هاو ) أكثر قلقاً ، وتساءل عما إذا كان يريد أن يدخل المتاهة .
وكتب مقولة على الحائط في مستوى رؤيته، وحدق فيها أمامه، ودقق النظر فيها لبعض الوقت:

ماذا تفعل إذا لم تكن خائفاً ؟؟

و أخذ يفكر في هذه العبارة .
إنه يعرف أن قليلاً من الخوف قد يكون مفيداً أحياناً ، و عندما تكون خائفاً فإن الأشياء تتحول للأسوأ إذا لم تفعل شيئاً ، لذا فهو يحثك على التصرف ، ولكنه يكون ضاراص عندما تكون في حالة شديدة من الخوف ، إذ غن هذا يقيدك عن فعل أي شيء .
ونظر عن يمينه إلى الجزء الذي لم يمر به في المتاهة وشعر بالخوف .
وبعد ذلك أخذ نفساً عميقاً ، واتجه نحو اليمين داخل المتاهة واندفع ببطء إلى المجهول .
وبينما كان يحاول أن يجد طريقه ، شعر هاو في البداية بالقلق لأنه ربما انتظر وقتاً طويلاً في محطة الجبن " ج " ــ ولم يتناول أي نوع من الجبن لمدة طويلة مما جعله يشعر بالضعف ، وقد ظل على هذا فترة طويلة مما زاد آلام هذه الرحلة الشاقة داخل المتاهة ، وقرر بأنه إذا سنحت له الفرصة مرة ثانية سوف يتكيف مع التغيير ، وهذا يجعل التعامل مع الأمور أكثر سهولة .
وعندئذ ابتسم هاو ابتسامة خفيفة ، وفكر في أنه " في التأني السلامة " وفي أثناء الأيام التالية : وجد بعضاً من الجبن القليل هنا وهناك ولكنه لم يستمر في ذلك طويلاً ، وتمنى أن يجد جبناً كافياً ليعود ببعض منه إلى هيم لكي يشجعه على الدخول في المتاهة .
ولكن لم يشعر هاو بالثقة الالكافية حتى الآن ، وكان عليه أن يعترف بأنه وجد ذلك مربكاً ومرهقاً في المتاهة ؛ حيث بدت الشياء كلها أمامه وقد تغيرت منذ الفترة الأخيرة التي كان فيها خارج المتاهة .
وعندما كان يعتقد أنه يتقدم في طريقه كان يجد نفسه تائهاً في الدهاليز ، وبدا تقدمه وكأنه يسير خطوتين للأمام وخطوة للخلف ، وكان هذا تحدياً ولكن كان عليه أن يعترف بأن الرجوع للخلف في المتاهة والمطاردة من أجل الجبن لم يكن تقريباً بنفس الدرجة من السوء التي كان يخشاها .
ومع مرور الوقت بدأ و شعر بالدهشة والتساؤل عما إذا كان واقعياً أن يجد قطعة الجبن الجديدة ، وتساءل " هاو " عمّا إذا كان يبالغ في تطلعاته ، وابتسم بعد ذلك ، و أدرك أنه ليس لديه ما يسوغ حلمه في هذا الوقت .
وحين شعر بالإحباط يتسرب إلى نفسه ذكّر نفسه بأن ما كان يعتقد أنه غير مريح ، هو في الواقع أفضل من البقاء في مكان ليس به جبن .
فكان يسعى للتحكم في تصرفاته أكثر من السماح لحدوث أي شيء ، وبعد ذلك ذكّر نفسه بأنه إذا كان سنيف و سكورى قد استطاعا التحرك والاستمرار في سعيهما ؛ فمن الممكن له أن يفعل ذلك .
وعندما أعاد هاو التفكير في الأمور أدرك أن قطعة الجبن التي وجدها في المحطة " ج " لم تختف بين العشية وضحاها كما اعتقد من قبل . إن حجم الجبن كان يصغر شيئاً فشيئاً ، وما تيقى منه أصبح قديماً ولم يعد لها مذاق جديد .
بل ربما بدأت طبقة من العفن تظهر عليه ، على الرغم من أنه لم يلاحظ ذلك ، ولذلك كان عليه أن يعترف أنه لو أراد ذلك ربما أمكنه فهم ما يحدث ولكنه لم يرد .
و أدرك هاو الآن أن التغيير ربما لم يكن ليمثل له مفاجأة لو كان قد شاهد ما كان يحدث طوال الوقت وتوقع هذا التغيير ، وربما كان هذا ما قام به كل من سنيف و سكورى .
وتوقف لأخذ قسط من الراحة ، وكتب على حائط المتاهة :

اشتم رائحة قطعة الجبن من حين لآخر حتى تعرف متى يصيبها العطب .

و بعد مرور فترة بدت طويلة لم يعثر فيها على قطعة الجبن ، وجد هاو نفسه أخيراً أمام محطة جبن بدت مبشرة بالخير ، وحين دلف إلى داخلها، أصيبة بخيبة أمل كبير؛ حيث أنها كانت خاوية .
وحدَّث هاو نفسه قائلاً: "لقد راودنى هذا الشعور بالخواء كثير من قبل". وشعر باليأس قد أطبق عليه. وبدأ هاو يفقد طاقته الجسية، وكان على يقين أنه قد ضل الطريق وأنه هالك لا محالة، وفكّر في أن ينعطف ويعود أدراجه إلى محطة الجبن ج. فلو وصل هناك، ولا يزال هيم موجوداً، فلن يكون وحيداً على الأقل، ثم سأل نفسه مجدداً: "ماذا كنت أفعل لو لم أكن خائفاً؟".
لقد كان يخشى أكثر من أي شيء آخر أن يعترف حتى لنفسه بذلك . فلم يكن دائماً على يقين من الشيء الذي يسبب له شعوراً بالخوف، لكنه الآن ، وفي حالته الهزيلة تلك، أدرك أنه خائفاً؛ لانه لا يريد أن يستمر وحيداً، ولم يعرف هاو بأنه كان يجري؛ لأن أفكاراً مخيفة أثقلت رأسه .
وتساءل هاو عما إذا كان هيم قد تحرك مجدداً أم أنه لم يبرح مكانه بسبب مخاوفه، ثم استرجع في مخيلته الأوقات التي شعر فيها بأنه في أوج نشاطه داخل المتاهة .
هذه الأوقات هي التي كان يتحرك فيها هاو ولا يتوقف عند أي شيء.
وكتب هاو على الحائط، وكان يعلم أن هذه الكتابة ليست تذكيراً بمروره من هذا المكان، بقدر ما هي تذكير له شخصيا :

إن السير في اتجاه جديد يجعلك تعثر على المزيد من الجبن

تطلع هاو إلى الممر المظلم، وأدرك ما اصابه من خوف، ترىمن الذي ينتظره في الطريق، هل سيكون خالياً؟ أو سيكون محفوظاً في المخاطر؟ وبدأ خياله الجامح يصور كله كل الهواجس المفزعة حتى تملكه الذعر الشديد .
ثم سخر من نفسه، فقد أدرك أن هواجسه هذه تزيد الطين بلة، ثم فعل ما كان سيفعله لو لم يكن خائفاً ، واصل المسيره لكن في اتجاه جديد .
وعندما بدأ يجري في اتجاه الممر المظلم، أخذ يبتسم، ولم يدك هاو عندئذٍ أنه وجد غذاء روحه، فقد ألقى بالهموم خلف ظهره، وبدأ يثق فيما ينتظره من مصير،على الرغم من أنه لم يعرف ماذا سيكون.
واندهش هاو، إذا بدأ يستمتع بالأمر أكثر فأكثر، وأخذ يتساءل:"ترى ما الذي يجعلني أشعر بهذه السعادة ؟" " ليس لدي جبن، وال أعرف إلى أين أنا ذاهب ".
وقبل أن يمضي وقت طويل، اكتشف سبب شعورة بتلك السعادة ، وتوقف كي يكتب على الحائط
مره أخرى :

عندما تتحرك متجاوزاً شعورك بالخوف ، ستشعر بالحرية

أدرك أنه وقع أسيراً لهواجسه ن وعندما تحرك في اتجاه جديد ، حرر نفسه من القيد .
الآن ، و الآن فقط ، بدأ يشعر أن نسيماً بارداً أخذ يهب على ذلك الجزء من المتاهة . التقط أنفاساً عميقة و أحس أن الحركة قد أعادت إليه الحياة ، وبعد أن كسر حاجز الخوف ، اكتشف أن الأمر أكثر إمتاعاً مما كان يعتقد من قبل .
ولم يكن هذا الشعور قد راود هاو منذ فترة طويلة ؛ ولهذا السبب كان قد نسى مدى البهجة التي يدخلها على قلبه .
ولكي يجعل الوضع أفضل ، بدأ في رسم صورة من وحي خياله ، ونسج في تلك الصورة حتى أدق التفاصيل الواقعية ، فقد تخيل نفسه جالساً وسط كومة هائلة من أنواع الجبن المفضل لديه ، بدءاً من الشيدر ، و انتهاءً بالبراي ! وتخيل نفسه وهو يأكل ما لذ و طاب منها . استمتع هاو بما رآه ، ثم تخيل كيف أنه يستطيع أن يستمتع بتذوقها جميعاً .
كلما اتضحت صورة ذلك الجبن الجديد داخل عقله ، زادت واقعيتها ، وازداد شعوره بقرب عثوره عليه .
ثم كتب :

عندما تخيلت نفسي وأنا استمتع بالجبن الجديد ، حتى قبل أن أعثر عليه ، وجدت طريقي إليه .

حدّث هاو نفسه قائلاً : " لماذا لم أفعل هذا من قبل ؟ "
بدأ هاو يجري داخل المتاهة ، لكن بقوة و رشاقة أكبر مما مضى ، ولم يمض وقت طويل حتى عثر على محطة الجبن ، وشعر بالسعادة وهو يلحظ قطع جبن جديدة قد وضعت بجانب المدخل .
ولم يكن قد رأى قط في حياته أصناف الجبن تلك ، لكنها بدت له رائعة . تذوقها ، فوجد طعماً طيباً للغاية ، وتناول هاو معظم قطع الجبن الموجودة ، ووضع بعضاً منها في جيبه كي يتناولها فيما بعد، أو ليتقاسمها مع ، وبدأ يستعيد قوته .
دلف هاو إلى محطة الجبن تغمره السعادة والإثارة . لكن ، ولسوء حظه ، وجدها خاوية ، فقد سبقه إليها شخص ما ، لم يترك سوى تلك القطع من الجبن الجديد .
وأدرك أنه لو كان قد عجل الخطى ؛ لوجد كمية كبيرة من الجبن هنا .
وقرر هاو أن يعود أدراجه كي يرى إذا ما كان هيم على استعداد للانضمام إليه .
وبينما هو يقتفي آثار العودة ، توقف وكتب على الحائط :

كلما أسرعت بالتخلص من الجبن القديم ، عثرت على الجبن الجديد .

وبعد فترة نجح هاو في العودة إلى محطة الجبن " ج " ووجد عندها هيم ، وعرض على هيم تناول بعض قطع الجبن الجديدة ، لكن الأخير رفض العرض .
وشكر هيم صديقه على هذه اللفتة الجميلة ، وقال له : " لا أعتقد أنني سأستمتع بالجبن الجديد ، فأنا لست معتاداً عليه ، كل ما أريده هو جبني المفضل ، ولن أتغير أبداً حتى أحصل على ما أريد " .
هز هاو رأسه وهو يشعر بخيبة الأمل ، وجعل يؤخر رجلاص ويقدم الأخرى ، معاوداً الانطلاق بمفرده من جديد ، ومع وصوله إلى أبعد نقطة كلن قد وصل لإليها في المتاهة ، بدأ يشعر بالحنين إلى صديقه ، لكنه أدرك أنه بصدد اكتشاف شيء ما . فحتى قبل أن يعثر على ما كان يعتقد أنه كمية هائلة من الجبن الجديد أدرك أنه لم يكن يشعر بالسعادة لمجرد عثوره على الجبن .
لقد كان سعيداً لأنه لم يصبح أسيراً لخوفه بعد الآن ، وبدأ يستمتع بما يفعل .
وحينما أدرك ذلك ، لم يشعر بذلك الضعف الذي انتابه حين كان يجلس في محطة الجبن ج الخاوية ، وحينما أدرك أنه منع نفسه من أن يستوقفها الخوف ، واتخذ وجهة جديدة ؛ شعر بالحياة تدب في أوصاله من جديد .
لقد وجد الآن أن المسألة أصبحت مسألة وقت قبل أن يصل إلى ضالته المنشودة بالفعل .
وابتسم حين أدرك أنه :

من الأسلم أن تبحث في المتاهة ، من ان تبقى دون جبن .

أدرك هاو ما ، كما أدرك من قبل ، أن ما تخشاه لن يكون بنفس القتامة التي يصورها لك عقلك ، وأن الخوف الذي تتركه يسيطر على عقلك هو أخطر بكثير من الوضع القائم بالفعل .
لقد كان هاو متخوفاً لدرجة كبيرة من أن لا يعثر على الجبن الجديد ، لدرجة أنه لم يرغب في الاستمرار في البحث عنه ، لكن ما إن عاود رحلته مجدداً ، عثر على قطع من الجبن في الممرات تكفيه لمواصلة المسير . الآن بدأ يتطلع إلى العثور على المزيد و المزيد ، وأصبح مجرد التطلع إلى ما هو آتٍ أمراً ممتعاً في حد ذاته .
لقد كان تفكيره القديم مغلفاً بسحابة من الخوف والقلق ، فقد كان يشعر دائماً أنه لن يعثر على جبن كافٍ ، أو انه لن يحظى به للمدة التي يريدها ، وكان كثيراً ما يشغل باله بما قد يحدث له من مصائب، لا من مفاجآت سارة .
لكن هذا التفكير تغير في الأيام التي أعقبت تركه لمحطة الجبن ج .
واعتاد هاو أن يعتقد بأنه لا ينبغي تحريك الجبن ، وأن هذا التغيير ليس صائباً .
أما الآن فقد أدرك أن عدم التغيير أمرينافي نواميس الكون و الطبيعة ، فلابد للتغيير أن يقع باستمرار سواء توقعناه أم لا ، ولايمكنك أن تفاجأ بالتغيير ، إلا إذا لم تكن تتوقعه و تبحث عنه .
وحينما أدرك هاو التغيير الذي اعترى معتقداته ، توقف كي يكتب على الحائط :

إن المعتقدات البالية لا ترشدك إلى جبن جديد .

لم يعثر هاو على أي جبن بعد ، لكن كل ما كان يشغل تفكيره وهو يعدو في ممرات المتاهة هو ما تعلمه حتى الآن .
لقد أدرك الآن أن هذه المعتقدات الجديدة تدفعه إلى التصرف على نحو جديد ، فقد بدأ الآن يسلك مسلكاً يختلف عن مسلكه عندما كان يصر على العودة إلى محطة الجبن الخاوية .
وأدرك هاو أنك عندما تغير معتقداتك ، فأنت تغير تصرفاتك .
عليك أن تعتقد بأن التغيير قد يضرك ، وأنه لابد لك أن تقاومه ، أو يمكنك أن تعتقد بأن عثورك على جبن جديد سوف يساعدك على استيعاب التغيير والتكيف معه .
كل ذلك يعتمد على المعتقد الذي تختار أن تؤمن به .
كتب هاو على الحائط قائلاً :
عندما ترى أنك تستطيع العثور على جبن جديد وتستمتع به ؛ فستغير طريقك .
و أدرك هاو أنه كان سيصبح في حالة أفضل الآن لو أنه استوعب التغيير في محطة الجبن ج بسرعة ودون تلكؤ ، وساعتها كان سيشعر بالقوة تدب في جسده وروحه ، ويستمر في التحدي حتى يعثر على الجبن الجديد ، بل كان في إمكانه العثور عليه بالفعل لو أنه توقع التغيير ، بدلاً من إضاعة وقته في مقاومته ، بعد أن حدث بالفعل .
واستجمع هاو قواه وقرر مواصلة المسير في الأجزاء الجديدة من النتاهة وبدأ يجد بعض قطع الجبن المتناثرة هنا و هناك ، فعادت إليه بعض طاقته وثقته بنفسه .
وعندما فكر في الطريق الذي جاء منه شعر بسعادة ؛ لأنه كتب على الحائط في أمكاكن كثيرة ، فقد أيقن أن تلك العبارات ستكون دليلاً له أثناء سيره في المتاهة ، إذا اختار أن يتك محطة الجبن ج .
وتمنى هاو لو أنه يسير في الاتجاه الصحيح ، وفكر في إمكانية أن يقرأ هيم كتابته على الحوائط كي يعرف طريقه هو الآخر .
ثم كتب هاو على الحائط ما عبر عما كان يدور بخلده لفترة من الزمن :

ملاحظة التغييرات البسيطة تجعلك تتأقلم مع الغييرات الجذرية التي قد تصادفك مستقبلاً.

والآن فقد طوى هاو صفحة الماضي ، وبدأ يتطلع إلى المستقبل .
واستمر يقطع دروب المتاهة بقوة وسرعة أكبر مما مضى ، ولم يمضِ وقت طويل حتى حدث ما كان يتمناه .
وفي الوقت الذي شعر فيه هاو بأنه سيظل بهذع المتاهة إلى الأبد ، أفضت رحلته ــ أو على الأقل هذا الجزء من رحلته ــ إلى نهاية سريعة و سعيدة .
لقد عثر على جبن جديد في محطة الجبن ن !
حينما دلف إلى داخلها ، لم يصدق ما رأته عيناه : جبال عالية هنا و هناك من الجبن الذي لم يره في حياته قط ، ولم يستطع التعرف على كل الأنواع الموجودة أمامه ؛ حيث إن بعضها كان جديداً عليه تماماً .
ثم تساءل هاو للحظات عما إذا كان ما براه حقيقة أم من نسج الخيال ، إلى أن وقعت عيناه على صديقيه سنيف و سكورى .
رحَب سنيف به بإيماءة من رأسه ، أما سكورى فقد لوَح له بكفه ، وظهر من معدتيهما الممتلئتين أنهما سبقاه إلى المكان بفترة ليست بقصيرة .
ألقى هاو التحية عليهما ، ثم سارع إلى تناول قضمات من أنواع الجبن المفضلة لديه ، ثم خلع عنه حذاءه ورداء التريض ووضعهما بالقرب منه حتى إذا احتاجهما مرة أخرى تناولهما سريعاً ثم انقض على الجبن الجديد ، وحينما أخذ كفايته ، تناول قطعة من الجبن الطازج في يده و صاح : " مرحباً بالتغيير ! " .
وبينما أخذ يستمتع بمذاق الجبن الجديد ، استرجع ما مر به من أحداث وما تعلمه خلاله وأدرك أنه عندما كان خائفاً من التغيير ، فقد كان متمسكاً في الواقع بوهم الجبن القديم ، والذي لم يعد موجوداً .
وتساءل هاو : " إذن ما الذي غيرني هل هو خوفي من أموت جوعاً ؟ وحدث نفسه قائلاً : " لقد كان لذلك تأثيره " .
ثم ضحك وأدرك أنه لم يكن ليتغير لولا أن بدأ يسخر من نفسه ومما كان يرتكبه من أخطاء ، واكتشف أن أسرع طريقة للتغيير هي أن يضحك الإنسان من حماقته ، وساعتها ، سينسى ما فعل، وسوف يواصل المسير .
وأدرك هاو أنه تعلم شيئاً مفيداً من صديقيه الفأرين ، سنيف و سكورى في أمر التنقل إلى موضع آخر ، فقد كانا يعيشا حياتهما ببساطة . لم يحاولا المبالغة في تحليل وتعقيد الأمور، وعندما تغير الموقع ، وتحرك الجبن ، غيرا من أنفسهما و تحركا مع الجبن ، ولم يكن بدٌ من أن يتذكر ذلك .
استخدم هاو عقله الرائع كي يفعل ما يفعله الأقزام بأسلوب أفضل من الفئران .
وتدبر الأخطاء التي ارتكبها في الماضي ، واستخدمها كي يخطط مستقبله ، لقد أدرك أن باستطاعة الإنسان أن يتعلم كيف يتعامل مع التغيير :
كيف يأخذ الأمور ببساطة ، كيف يكون مرناً ، وكيف يكون سريع التصرف .
يتعلم ألا يبالغ في تعقيد الأمور ، وألا يقع فريسة لمعتقدات مفزعة .
يتعلم أن يلاحظ التغيرات البسيطة ؛ لكي يكون مستعداً للتغيير الجذري ، الذي قد يحدث في المستقبل.
أدرك هاو أنه بحاجة إلى التكيف سريعاً مع التغيير ؛ لإنه إن لم يفعل ذلك ، فقد لاتواتيه تلك الفرصة أبداً .
وكان عليه أن يعترف بأن أكبر عقبة تقف في طريقه تكيفه مع التغيير موجودة بداخله هو ، وأن الأمورلا تتحسن إلاَ بعد أن تتغير أنت .
الأهم من هذا وذاك ، أن هاو قد أدرك أن هناك دائماً جبناً جديداً أمام عينيك ، سواء لاحظته أم لم تلاحظه ، وأنك تستمتع به فقط عندما تتخلص من مخاوفك وتخوض المغامرة .
وأدرك هاو كذلك أنه لاضير من بعض الخوف ، إذ إنه قد يحميك من خطر محقق ، ولكنه اكتشف أيضاً أن معظم مخاوفه لم يكن لها مايبررها ، بل إنها منعته من أن يتغير في الوقت الذي كان لزاماً عليه أن يتغير .
لم يعجبه التغيير وقتها ، لكنه أدرك فيما بعد أن ذلك التغيير هدية السماء إليه كي ترشده إلى المزيد من الجبن ، رغم أنها كانت ترتدي قناعاً .
لقد عثر هاو على جزء جميل من نفسه ، وبينما كان يتذكر الدروس المستفادة ، فكر في صديقه هيم ، وتساءل عما إذا كان عيم قد قرأ شيئاً من عباراته التي كتبها على الحائط عند محطة الجبن ج أو في باقي المتاهة .
ترى ما الذي كان يحدث لو طوى هيم صفحة الماضي ، وواصل المسير ؟
ترى ما الذي كان يحدث لو دخل المتاهة ، واكتشف ما كان يجعل حياته أفضل ؟
فكر هاو في العودة مجدداً إلى محطة الجبن ج ؛ ليرى ما إذا كان باستطاعته العثور على هيم ، وهو يفترض أنه يستطيع العودة إلى النقطة التي كان فيها ، وفكر في أنه إذا عثر على هيم ، فسيمكنه عندئذٍ أن يريه كيف يخرج من مأزقه ، ولكنه أدرك أنه قد حاول بالفعل أن يجبر صديقه على التغيير.
وكان على هيم أن يجد طريقه بمفرده ، متغلباً على أوجاعه ومتجاوزاً مخاوفه ، ولايمكن لشخص آخر أن يؤدي له ذلك بالنيابة عنه ، أو أن يقنعه بذلك ما لم يكن الاقتناع داخلياَ . كان يتعين على هيم أن يشعر بمزايا التغيير نفسه .
وعلم هاو أنه قد ترك خلفه أثراً لهيم كي يتعقبه ، وأنه يستطيع بمفرده أن يجد طريقه ، فقط إذا قرأ العبارات التي كتبها هاو بخط يده على الجدران .
ثم بدأهاو في كتابة ملخص للدروس التي استفادها من رحلته على أكبر حوائط محطة الجبن (ن) ، ثم وضع كل تلك الومضات داخل رسمة لقطعة جبن كبيرة ، وابتسم وهو ينظر إلى ما كتبه :
التغيير يحدث
قطع الجبن تتحرك باستمرار
توقع التغيير
استعد عندما يتحرك الجبن
راقب التغيير
اشتم رائحة الجبن كثيراً
كي تعرف متى يصيبها العطب
تكيف مع التغيير بسرعة
كلما أسرعت بالتخلص من الجبن القديم ،
استطعت أن تستمتع بالجبن الجديد
تغيَر
تحرك مع الجبن
استمتع بالتغيير
تذوق طعم المغامرة
واستمتع بمذاق الجبن الجديد
كن مستعداً كي تتغير بسرعة
واستمتع بالتغير من جديد
قطع الجبن تتحرك باستمرار

أيقن هاو إلى أي مدى قد وصل منذ أن كان برفقة هيم في محطة الجبن ج ، ولكنه أدرك أنه من السهل أن يعود إلى ما كان عليه لو أفرط في الراحة ، فقام كل يوم بتفقد الجبن في محطة الجبن ن ؛ كي يطمئن إلى مخزون الجبن فيها ، وكان على استعدادليفعل أي شيء كي لايفاجأ بأي تغيير لم يضعه في الحسبان .
وعلى الرغم من أن لديه مخزوناً كبيراً من الجبن ، أصر هاو على أن يخرج ليتجول في المتاهة كي يكون على علم بما يحدث من حوله ، فقد أدرك أنه من الأسلم له أن يبقى على علم بالواقع من حوله ، بدلاً من أن يعزل نفسه في صومعته المريحة .
ثم أنصت هاو إلى صوتٍ ، ظن أنه صوت حركة بالخارج ، وحينما أخذ الصوت يعلو تدريجياً ، أيقن أن شخصاً ما كان يقترب منه .
هل كان هيم ؟ هل كان يوشك على أن يظهر من بين أحد الأركان ؟
دعا هاو و تمنى ــ كما فعل كثيراً من قبل ــ أن يتمكن صديقه في النهاية من أن …

يتحرك مع الجبن و يستمتع بذلك ! !

مناقشة
في وقت لاحق من ذات اليوم
عندما انتهى مايكل من سرد القصة ، نظر في أرجاء الحجرة فشاهد أصداءه السابقين وهم يبتسمون .
و بعد ذلك سألت أنجيلا برقة وود : "أي الشخصيات تمثلكم في القصة ؟ سنيف ، سكورى ، هيم ، هاو ؟ " .
و أجاب كارلوس : " ذات مرة قبل أن أعمل في بيع المستلزمات الرياضية عندما مررت بتجربة قاسية مع التغيير .
إنني لم أكن " سنيف " فلم أكتشف حقيقة الموقف ، ولم أفهم التغيير بسرعة ، وبكل تأكيد لم أكن سكورى ، حيث إنني لم اتسرع للقيام بعمل ما .
إلا إنني كنت أشبه كثيراً " هيم " الذي أراد أن يبقى في منطقة مألوفة والحقيقة هي أنني لم أرد بالفعل التعامل مع التغيير بل حتى لم أرد تفهمه " .
وقال فرانك : " إن هيم يذكرني بأحد أصدقائي ، حيث كان القسم الذي يعمل به على وشك الإغلاق ، ولكن لم يرد تفهم هذا ، وأخذوا ينقلون من كانوا يعملون معه إلى أقسام أخرى ، وحاولنا التحدث إليه بشأن الفرص العديدة الأخرى الموجودة بالشركة لأولئك الذين يتسمون بالمرونة ، ولكنه اعتقد أنه اعتقد بأنه ليس في حاجة إلىالتغيير ، وكان هو الشخص الوحيد الذي اندهش عندما أغلق القسم ، والآن فإن من الصعب عليه أن يتكيف مع التغيير الذي لم يتوقع حدوثه " .
ثم علق قائلاً : " وهذا هو مافهمته من القصة . إنني أميل إلى أن أتعامل مع الأمور بجدية شديدة ، وقد لاحظت كيف تغير" هاو " عندما استطاع في النهاية أن يسخر من نفسه وممَا يقوم به ،فلا عجب أن يكون اسمه " هاو " .
وسألت أنجيلا : " هل تعتقد أن " هيم " تغير ووجد جبناً جديداً ؟ " .
وقال إليان : " أعتقد أنه فعل ذلك " .
قال كورى : " أنا لا أعتقد ، فيعض الناس لا يتغيرون أبداً ، وإنهم يدفعون ثمن ذلك .
قال ناثان : " إنني أخمن أنه من الأفضل كثيراً أن نبادر بالتغيير وفي الوقت نفسه نحاول أن نتفاعل أو نتكيف مع التغيير . ربما يتوجب علينا أن نحرك الجبن الخاص بنا " .
قال ريتشارد : " إن مديري يقول لي دائماً إن شركتنا تحتاج إلى التغيير ، والآن أعتقد أن ما قصده حقاً هو أنني أنا الذي أحتاج إلى التغيير إلا أنني لم أكن لأضغي إليه و أحسب حقاً أنني ما علمت أبداً ما يعنيه الجبن الجديد الذي كان يحاول أن يحركنا نحوه ، وكيف يمكنني أن أكسب من ورائه " .
وعبرت ابتسامة عريضة على وجه ريتشارد وقال : " لابد أن أعترفأنني أحب فكرة الجبن الجديد وأتخيلك مستمتعاً به ، إنها فكرة تضفي البهجة على كل شيء ، إنها تقلل من الخوف وتجعلك أكثر شوقاً لحدوث التغيير " .
وقالت أنجيلا : " قد يكون الجبن القديم مجرد سلوك قديم ، والذي نحتاجه حقيقة هو أن نتخلص من السلوك الذي يتسبب في إفساد علاقتنا ، وبعد ذلك نستمر في اتباع أسلوب أفضل للتفكير والعمل " .
وعلق كورى : " فكرة جيدة . إن الجبن الجديد هو علاقة جديدة مع نفس الشخص " .
قالت جيسيكا : " إنني ذاهبة إلى المزل لأحكي هذه القصة لأسرتي ، وسوف أسأل أطفالي أي أبطال القصة يشبهني سنيف أم سكارى أم هيم أم هاو ، وما عساهم يعتقدون في أنفسهم ، وإننا لنستطيع التحدث عمَا هو الجبن القديم بالنسبة للعائلة ، وكيف يكون الجبن الجديد . "
قال ريتشارد : " إنها لفكرة جيدة " .
قال مايكل : " هكذا قمنا بتطوير عملنا " .
" وباختصار ، فالتغيير المفروض هو التغيير المرفوض " .
وأضاف مايكل : " لقد تمنيت لو أني قد سمعت قصة الجبن هذه قبل اليوم " .
وأضاففت بيكى: " في العائلات يحدث نفس الشيء مع الآباء و الأبناء " .
وبعد ذلك سألت : " كيف اختلفت الأمور بعد سماع الناس لقصة الجبن " .
وقال مايكل ببساطة : " لقد تغير الناس ؛ لأنه لايوجد فرد يريد أن يشبه ( هيم ) " .
وضحك الجميع ومعهم ناثان ، الذي قال : " إنها نقطة جيدة لا أحد في عائلتي يريد أن يشبه ( هيم ) .
ربما يتغيرون . لماذا لم تخبرنا عن هذه القصة في اجتماعنا الأخير ؟ فقد كان ذلك حرياً بأن يؤثر حقاً" .
لقد قدم ذلك لجيسيكا أفكاراً عديدة وذكرها بأنها قد تلقت بعض طلبيات البيع صباحاً ، ونظرت إلى ساعتها وقالت : " لقد آن لي أن أترك محطة الجبن هذه و أبحث عن جبن جديد " .
وضحك الجميع وبدؤوا يودعون بعضهم البعض ، وعندما جاء وقت الرحيل شكروا مايكل مرة ثانية.
وقد قال : " إنني في غاية السعادة للاستفادة من القصة ، وأتمنى أن تنتهزوا الفرصة لكي تشاركونا إياها قريباً مع الآخرين 
بقلم د. كينيث بلانشارد

إن لم تفهم قصدى فلا تشغل بالك وإنسى الموضوع

 

10‏/03‏/2011

طور تفكيرك....تغيير المسار

غير مسارك فى التفكير
          لو كان هناك مجموعتان من الاطفال يلعبون بالقرب من مسارين منفصلين لسكة الحديد أحدهما معطل والآخر لازال يعمل وكان هناك طفل واحد يلعب على المسار المعطل ومجموعة اخرى من الاطفال يلعبون على المسار غير المعطل . وأنت تقف بجوار محول   اتجاه القطار .                                ورأيت
                                                
الاطفال

                                                 
ورأيت
                                                 
القطار
 
قادم
  وليس
امامك
الا
ثواني
  لتقرر في اي مسار يمكنك ان توجه القطار فإما تترك القطار يسير كما هو مقرر له ويقتل مجموعة الاطفال .. ؟ أو تغير إتجاهه الي المسار الآخر ويقتل طفل واحد .. ؟ . . 
 فأيهما تختار؟؟؟ . . ماهي النتائج التي سوف تنعكس على هذا القرار؟؟؟ 
 دعنا نحلل هذا القرار
  معظمنا يرى انه الافضل التضحية بطفل واحد خير من مجموعة اطفال
وهذا على اقل تقدير من الناحية العاطفية .
  فهل ياترى هذا القرار صحيح؟  
هل فكرنا ان الطفل الذي كان يلعب على المسار المعطل قد 
تعمد 
اللعب هنا حتى 
يتجنب 
مخاطر القطار؟ 
ومع ذلك 
يجب عليه ان يكون 
الضحية  
في مقابل ان الاطفال الآخرون الذين في سنه 
  وهم مستهترون وغير مبالين 
و أصروا 
على اللعب في المسار العامل؟ . . 
هذه الفكرة مسيطرة علينا في كل يوم في مجتمعتنا في العمل حتى في القرارات السياسة الديموقراطية ايضاً . يضحى بمصالح الأقلية مقابل 
الاكثرية
بغض النظر عن قرار
الاغلبية 
حتى ولو كانت هذه الأغلبية 
غبيـــة 
وغير صالحة 
  والاقلية هي الصحيحة . . 
وهنا نقول ان القرار الصحيح
ليس من العدل تغيير مسار القطار
وذلك للأسباب التالية . . 
1. الأطفال الذين كان يلعبون في مسار القطار العام يعرفون ذلك وسوف يهربون بمجرد سماعهم صوت القطار !؟ . .  
2. لو انه تم تغيير مسار القطار فان الطفل الذي كان يعمل في المسار المعطل سوف يموت بالتأكيد لأنه لن يتحرك من مكانه عندما يسمع صوت القطار لانه يعتقد ان القطار لن يمر بهذا المسار كالعادة . . 
3. بالاضافة انه من المحتمل ان المسار الأخير لم يترك هكذا الا لأنه غير آمن وتغيير مسار القطار الى هذ الاتجاه لن يقتل الطفل فقط بل سوف يؤدي بحياة الركاب الى مخاطر فبدلا من انقاذ حياة مجموعة من الاطفال فقد يتحول الأمر قتل مئات من الركاب بالاضافة الي موت الطفل المحقق !!!؟ . .  
مع علمنا ان حياتنا مليئة
بالقرارات الصعبة 
التي يجب ان نتخذها لكننا قد لاندرك ان القرار
المتسرع 
عادة مايكون
غير صائب . . 
تذكر * 
  ان الصحيح ليس دائماً شائع وان الشائع ليس دائما صحيح

إن لم تفهم قصدى فلا تشغل بالك وإنسى الموضوع
 

النجاح في العلاقات الإنسانية أساليب عملية للتنمية الذاتية

النجاح فى العلاقات الانسانية

     تُعدّ العلاقات الإنسانية التي تكونها على المستوى المهني أو الشخصي بمثابة –الكنز-، والشخص الذي لديه قدرة على تكوين علاقات إنسانية متينة يتمتع بذكاء اجتماعي فهل تملكه أنت؟ عموماً هذا الكتاب سوف يساعدك على تكوين علاقات إنسانية إيجابية على المستوى المهني أو الشخصي لبناء مستقبل مشرق وحياة متوازنة.
الفصل الأول
أهمية العلاقات الإنسانية
  غالبية الموظفين لا يقدرون أهمية العلاقات الإنسانية:
يعتمد استقرار المستقبل الوظيفي للموظف على مدى بنائه العلاقات الإيجابية في بيئة العمل أو حياته الخاصة؛ فالكثير من الموظفين يقدرون قيمة الذكاء الفني، ولكنهم يجهلون قيمة الذكاء الاجتماعي، عموماً يمكن القول: إن جودة أية علاقة تنعكس على إنتاجية الشخص سواء كانت إيجابية أو سلبية.

طبيعة العلاقات الإنسانية:
    تقوم العلاقة الإنسانية بين طرفين، وهذه العلاقة هي بمثابة الاتصال بين الناس وأفضل الطرق الموضوعة للحكم على العلاقات الإنسانية، هو التركيز على نوعية العلاقة بغض النظر عن شخصيات طرفي هذه العلاقة.

الموقف الإيجابي والعلاقات الإنسانية:
    الموقف هو الحالة الذهنية التي تنظر بها إلى الأشياء، فإن ركزت على الجوانب الإيجابية كان ذلك دافعاً لك للعلاقات الإنسانية الجيدة، وإن ركزت على الجوانب السلبية أدّى ذلك إلى تعطيل العلاقات الإنسانية.
والموقف الإيجابي يحقق ثلاثة أهداف:
1- يشعل حماسك للعمل الذي تؤديه أنت وزملاؤك.
2- ينمي طاقات إبداعك ويزيد من إنتاجيتك.
3- يساعد على إبراز شخصيتك بشكل إيجابي مما يجعل الآخرين يحرصون على التعامل معك وإقامة علاقات متينة معك.

الإنتاجية والعلاقات الإنسانية:
    هناك علاقة طردية بين ازدياد الإنتاجية وجودة العلاقات الإنسانية؛ فكلما كانت هناك علاقات إنسانية متينة أدت لزيادة الإنتاجية، والعكس صحيح.

ترجيح بناء العلاقات الإنسانية لصالح زملاء العمل:
   أهم علاقة تقيمها في العمل هي مع رئيسك المباشر وزملاء العمل الذي بدوره سيزيد من إنتاجك مما يجعلك محط إعجاب رؤساء العمل.
الاتصال قوام جميع العلاقات الإنسانية:
يمكن القول: :إن الاتصال هو غذاء العلاقات الإنسانية فسبب أي قطيعة أو سوء فهم هو نقص الاتصال.

نظرية المنافع المتبادلة:
   تنص هذه النظرية لكي تظل العلاقات متينة يجب أن يستفيد كلا طرفي العلاقة من هذه العلاقة وبنفس القدر، وعندما يحصل أحد الطرفين على منافع أكبر من الطرف الآخر تبدأ بوادر خطيرة لانقطاع العلاقة.
برود الإحساس لدى الآخرين قد يفسد العلاقات الإنسانية:
تتسبب التصرفات التافهة غير المقصودة في إفساد الكثير من العلاقات، وبالرغم من أن هذه التصرفات غير مقصودة إلا أنها تدل على عدم الإحساس والشعور بالطرف الآخر.
التغيُّب عن العمل يفسد العلاقات الإنسانية:
التغيب أو التأخر عن العمل غالباً ما يدل على عدم الانضباط والالتزام، وبالتالي تسوء العلاقات مع الرؤساء لعدم ثقتهم بالمتأخرين، وكذلك يقل احترام وتقدير الموظفين للمتأخرين مما يؤدي إلى تراجع العلاقات الإنسانية.
تحويل المشاكل العائلية إلى مكسب لمستقبلك الوظيفي:
عندما تسمح للمشاكل المنـزلية أن تغزو محيط عملك لا شك أن ذلك سوف ينعكس على أدائك في العمل مما يعرض علاقاتك الإنسانية ومستقبلك الوظيفي إلى الخطر.

ثلاثة أخطاء شائعة:
غالباً ما ندخل في مشاكل تبعد الناس عنا لأسباب منها:
(1) عدم إعطاء الآخرين فرصة لتصحيح أخطائهم وتدارك الموقف.
(2) لا تتوقع أن تعطيك الإدارة الحافز على العمل بتحميل الإدارة كافة المسؤولية.
(3) التنفيس عن التوتر مفيد، ولكن عندما يكون في غير محله ووقته يفسد العلاقات الإنسانية.
الفصل الثاني
إصلاح العلاقات الإنسانية
عامل الرغبة في الإصلاح:
حقيقة إن عامل الإصلاح في أي علاقة يعتمد على الرغبة في إصلاح وبناء هذه العلاقة واستمرارها من قبل الطرفين بالشكل المناسب لكليهما، بغض النظر عمّن هو البادئ في الخطأ والزلل.

الحوار الصريح:
يُعدّ الحوار الصريح هو الحل الأمثل لإصلاح العلاقات الإنسانية؛ لذا يجب اختيار الوقت والمكان المناسبين أولاً، ثم طرح الأفكار ووجهات النظر، وما هو المطلوب من كل طرف بأسلوب هادئ.

حلّ الخلافات:
لا شك أن مفتاح الحل للخلافات هو الرغبة في الوصول إلى تسوية، لذلك كلما كان طرفا الخلاف حازمين ومتعاونين أمكن حل الخلافات بينهما.

هل تتنازل أو تكون ضحية:
في أغلب الأحيان يُفسر التنازل في حل الخلافات بين طرفي الخلاف على أنه ضعف أو فشل أو استسلام، وهذا فهم قاصر بل ربما تكون هذه التنازلات مصدر قوة. كيف ذلك؟؟
عند تقديمك لتنازلات بسيطة في حل الخلافات تجبر الطرف الآخر على تقديم تنازلات أكبر من تنازلاتك ليثبت لك أنه قدم تنازلاً أكبر منك، وبالتالي تكون قد كسبت أكثر وتم حل الخلاف بما يرضي الطرفين.

إصلاح العلاقات المتضررة مع الرؤساء:
خلال إعادة بناء العلاقة مع رئيسك يجب عليك:
- تحافظ على ارتفاع مستوى إنتاجيتك.
- تحافظ على العلاقات الإيجابية مع زملاء العمل.
- تظهر لرئيسك تقديرك للعمل.
- ترفض أن تتحدث بسوء عن رئيسك أمام الآخرين.
تذكر أن الرؤساء يُقاس نجاحهم بكفاءة أداء موظفيهم.
الفصل الثالث
عملية الوقوع ضحية
فهم عملية الوقوع ضحية:
عندما ينشأ خلاف في إحدى العلاقات فإنها تمر بثلاث مراحل وهي:
المرحلة الأولى: ينشأ تمزّق سطحي في العلاقة مع تعرض الطرفين لأذى بسيط.
المرحلة الثانية: ينشأ تمزّق عميق مع تعرض أحد الطرفين لأذى أكبر من الطرف الآخر.
المرحلة الثالثة: ينشأ صراع حاد، وغالباً ما يكون كلا الطرفين ضحية.
مهما كان الضرر عند يتم إصلاح العلاقة في الوقت المناسب فإن كلا الطرفين يصبحان رابحين بدلاً من خاسرين.

التأثير على التقدّم الوظيفي:
   ينهي كثير من الناس مشاكلهم إما بالنصر عن طريق حل المشكلة، أو بالخسارة فيكونون ضحايا لها. في كثير من الأحيان نسمح للمشاكل الخارجية أن تؤثر على حياتنا العملية فتقل إنتاجيتنا، وتُتّخذ مواقف سلبية ضد الأشخاص، مما يعني تمزّق العلاقات الإنسانية في بيئة العمل وخارجها فنكون ضحايا لمشاكلنا سواء شعرنا بذلك أم لم نشعر.

  
ثلاث طرق للوقوع ضحية:
1- عندما يرفض الشخص أن يصحح خطأه بسرعة.
2- عند السماح للوضع الذي لم يحدث فيه خطأ أن يمر دون تفسير.
3- عند السماح للانفعالات الناتجة عن خلاف في العلاقة بأن تمزق الشخص من الداخل.

علاقات العمل ذات المجازفة الكبيرة:
   كلما زادت أهمية العلاقة زاد احتمال أن تُصاب بأذى كبير عند وقوع الضرر. تتضمن علاقات العمل ثلاثة عوامل وهي:
1- عدد مرات الاتصال: الاتصال اليومي المتكرر قد يزيد من حدة الخلاف خصوصاًَ عندما يكون الاتصال مع الشخص الذي بينك وبينه خلاف بشكل يومي.
2- طبيعة العلاقة: إن العلاقة مع رئيسك أكثر تعقيداً من علاقتك مع الزملاء الآخرين.
3- الارتباط الشخصي: كلما زادت معرفتك الشخصية بزملاء العمل زادت حساسية العلاقة عند نشوء أي خلاف.

  
العلاقة التي تتطلب ضحية:
عندما تكون العلاقة بين شريكين متساوية على أساس تقديم نفس الجهد والوقت من كلا الطرفين حسب نظرية المنافع المتبادلة، ولكن عندما يكون العبء على طرف دون الآخر بدون منفعة ينشأ بينهما الخلاف.
لماذا لا يشعر الناس بأنهم يجعلون أنفسهم ضحية:
عندما يتورط الأشخاص في خلافات لإحدى العلاقات، فإن القليل منهم ممن يتصرفون بحكمة نتيجة الخبرة والإدراك تمكنهم من معالجة الموقف بفعالية.
هناك ثلاثة عوامل تجعل من الصعب الفصل بين مستقبلك الوظيفي والإجهاد النفسي للموقف وهي:
1- تغليب النزعة الانتقامية: فعند حدوث إجهاد للموظف بسبب خلاف علاقات العمل فإنه يلقي اللوم على زملاء العمل.
2- قبول النصيحة من المصدر الخطأ: فقد تأخذ المشورة من شخص بالخطأ فيزيد من اشتعال الخلاف.
3- تغليب الكبرياء: قد يقع الجميع في أخطاء ضمن إطار العلاقات الإنسانية، فإن الكبرياء والتحيز يمنعان إيجاد حل دون ضحايا.
الفصل الرابع
إستراتيجيّة الفوز
هناك أساليب عملية تساعدك على بناء علاقات جيدة والحفاظ عليها بكفاءة وهي:
(1) اعمل على تكوين علاقات متنوعة وحافظ عليها: تمتع بعلاقات متعددة مع الرؤساء والزملاء والعملاء والأصدقاء، فكل هؤلاء سوف يساهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في بناء مستقبلك الوظيفي.
(2) ركز على العلاقات لا الشخصيات: في علاقاتك مع الآخرين ركز على نوعية العلاقة بغض النظر عن شخصية طرف هذه العلاقة.
(3) طبق نظرية المنافع المتبادلة: لكي تستمر العلاقة مع الآخرين يجب أن تكون هناك منافع متبادلة بين أطراف هذه العلاقة بحيث لا يشعر أحد الأطراف أنه وقع في موضع الضحية.
(4) تجاهل المضايقات الصغيرة: كُفّ عن التركيز على التوافه من الأمور وركّز على الأمور الهامة والتي تؤثر على العلاقة.
(5) ضع لنفسك علاقة تحذير: كن مراقباً لنفسك فهل بدأت تتصرف بسلبية أو بإيجابية تجاه الأشخاص أو المواقف، وهل يؤثر ذلك على مستقبلك الوظيفي؟
(6) اختر مستشاريك بعناية: أنت بحاجة مستمرة إلى دعم من حولك، ولكن يجب أن تختار أشخاصاً يتصفون بالحكمة والموضوعية حولك يرشدونك ويوجهونك تستنير بآرائهم وأفكارهم.
(7) كيف تبتعد عن المشاكل: تعلم على قضية الانسحاب من الموقف، ولا تفسره ضعفاً، وإنما سمّه حلاً للخلاف، وتجنب الوقوع ضحية.
(8) متى تتنازل: يعدّ التنازل من أجل حماية مستقبلنا وعلاقتنا ذكاء اجتماعياً؛ لأنه:
- يكوّن منافع جديدة - عند قبول أفكار الآخرين عن التنازل يعد مكسباً لك - عندما يكون التنازل هو الوسيلة الوحيدة لاستعادة العلاقة.
(9) اجعل الخطة (ب) جاهزة: يجب أن يكون لديك خيار بديل لمستقبلك الوظيفي والخطة (ب) تتضمن الخطوات التالية:
- أن تعمل بأقصى كفاءة في وظيفتك الحالية.
- تحفظ قيمتك السوقية.
- تضاعف من شبكة علاقاتك مع الآخرين لاكتشاف فرص عمل أفضل.
(10) موقفك أثمن ما لديك فحافظ عليه: تساهم نوعية المواقف بمقدار الكفاءة والإنتاجية، فكلما كانت مواقفك إيجابية كان ذلك دليلاً على كفاءتك وإنتاجيتك العالية والعكس صحيح، ولكي تتخذ مواقف إيجابية عليك بهذه الأساليب:
1- استخدم أسلوب (الوجه الآخر) للموقف بمعنى انظر إلى المواقف من زوايا متعددة غير النظرة السلبية.
2- العب أوراقك الرابحة، أي ركّز على الأمور الجيدة التي تُبدي لك الأمور السيئة صغيرة.
3- اعزل نفسك عن الهموم الكبيرة، أي قاوم بشدة تلك الهموم التي أفرزتها المشكلة، وادفعها عن ذهنك كي لا تؤثر على أدائك.
4- شارك بموقفك الإيجابي مع الآخرين: اجعل الموقف الإيجابي الذي تتخذه يتعدى إلى غيرك ممن هم حولك.
5- انظر إلى نفسك بشكل أفضل: كوّن لنفسك صورة إيجابية لكي تعيد التوازن لنفسك وتصبح نفسيتك مستقرة.

 أ.سعد بن عبدالله العباد     


إن لم تفهم قصدى فلا تشغل بالك وإنسى الموضوع